في إطار الاستعداد للموسم السياحي القادم وفي ظل الوضع الصحي الدقيق الذي تعيشه تونس وسائر بلدان العالم، وبعد استحالة استرجاع السوق السياحية الأوروبية نظرا للارتفاع المسجل في معدل انتشار فيروس كورونا في عدد منها واتخاذ بعضها قرارات بغلق حدودها، تعمل الحكومة على وضع خطط واستراتيجيات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الموسم السياحي لسنة 2021 وذلك من خلال التركيز على "سياحة الأجوار" والتعويل عليها لضمان المستوى الأدنى من الحركية السياحية وإنعاش هذا القطاع وإعادة الأمل للعاملين فيه بعد أن تضرروا بشكل كبير ومباشر خلال الموسم السياحي الفارط بسبب ما فرضته جائحة كورونا.وفي هذا السياق يأتي شروع تونس في إعداد استراتيجية مشتركة للتعاون السياحي مع الجزائر، حيث عقد أول أمس وزير السياحة الحبيب عمار اجتماعا عن بعد مع نظيره الجزائري وزير السياحة والصناعات التقليدية والعمل العائلي محمد على بوغازي قصد الاستثمار في المجال السياحي وتشجيع السياح الجزائريين على اختيار تونس كوجهة سياحية لقضاء عطلهم الصيفية.
وأكد وزير السياحة الحبيب عمار خلال الاجتماع على الإرادة المشتركة لمواصلة الدفع نحو تعزيز علاقات التعاون بين تونس والجزائر على جميع الأصعدة وتحقيق المزيد من الإنجازات على درب التكامل الاقتصادي والاستناد في ذلك على متانة العلاقات الثنائية السياسية والديبلوماسية والتاريخية.
كما عبر الوزير عن شكره للشعب الجزائري لوقوفه مع التونسيين وتضامنه المتواصل معهم ومع السياحة التونسية، وذلك لاستمرارهم في التوافد على تونس بأعداد اعتبرها الوزير هامة في أوقات شهدت فيها السياحة التونسية أزمات وصعوبات عديدة، مؤكدا في ذات السياق أن تونس لا تعتبر الجزائريين سياحا أجانب بل هم عبارة عن مواطنين تونسيين في بلادهم.
تطمينات باحترام البروتوكولات وفرض الرقابة عليها
كما تم خلال الاجتماع التطرق إلى الأوضاع الصحية في العالم وفي تونس والجزائر جراء تفشي فيروس كورونا، وتبادلا الوزيران تجارب البلدين في مجال التصرف في مجابهة هذه الأزمة مع استعراض ما تم اتخاذه من إجراءات اجتماعية واقتصادية لمساندة العاملين في القطاع السياحي والصناعات التقليدية وكذلك مختلف المؤسسات السياحية والحرفية التي تضررت بصفة كبيرة جراء توقف النشاط السياحي.
وفي هذا طمأن وزير السياحة الحبيب عمار السياح الجزائريين باتخاذ كافة الإجراءات لحماية كل الوافدين على تونس، مستعرضا في هذا بروتوكولا صحيا نموذجيا عملت على وضعه وزارة السياحة ويشمل مختلف المؤسسات السياحية، شدد فيه على أهمية الرقابة الدقيقة والمستمرة حرصا على صحة التونسيين والعاملين في القطاع السياحي وكذلك السياح الوافدين على تونس، مؤكدا بأن البروتوكول المستعرض مصادق عليه من قبل كل من منظمة الصحة العالمية ومنظمة السياحة العالمية.
وأضاف الحبيب عمار إلى أن وزارة السياحة توصلت إلى ضبط خطة عمل لإنعاش القطاع السياحي في تونس، تهدف إلى ضمان استعادة النشاط السياحي نسقه لما بعد نهاية الجائحة وذلك في إطار عمل تشاركي مع المهنيين والشريك الاجتماعي والوزارات والهياكل المعنية والشركاء بالداخل والخارج، مؤكدا وجود رغبة في تبادل الخبرات مع الجزائر ومزيد دفع التعاون في مجالات ذات علاقة بالتكوين السياحي والتسويق والترويج والجودة والتفقد والتهيئة السياحية والاستثمار والتنمية وكذلك في مجال الصناعات التقليدية.
ومن جهته، ثمن وزير السياحة والصناعات التقليدية والعمل العائلي الجزائري محمد على بوغازي مستوى العلاقات التاريخية التي تجمع تونس والجزائر، مؤكدا حرص بلده على دفع علاقات التعاون الثنائي في عديد المجالات على غرار السياحة والصناعات التقليدية.
الحل في سياحة الأجوار بعد استحالة عودة السوق الأوروبية
وفي ظل ما تعيشه تونس والعالم اليوم تعمل وزارة السياحة على إعادة تنشيط السوق الجزائرية واستقطاب أكبر عدد ممكن من السياح الجزائريين وذلك عبر تطمينهم بضمان كل الظروف الصحية الآمنة لقدومهم.
وتعتبر تونس من أفضل الوجهات السياحية بالنسبة للجزائريين، كما يعتبر الجزائريين من أكثر الوفود السياحية الوافدة على تونس حيث بلغ عددهم حوالي 3 ملايين سائح قدم إلى تونس خلال سنة 2019، وكانت هذه الأرقام التي ثمنتها البلاد التونسية مرجحة للارتفاع وفق عديد المؤشرات التي تدل على اختيار الجزائريين تونس كوجهة سياحية لقضاء عطلة الصيف، لكن كل المؤشرات تراجعت وسجلت انكماشا بسبب جائحة كورونا، حيث لم يتجاوز عدد السياح الجزائريين القادمين إلى تونس خلال الموسم السياحي السباق 370 ألف سائح وذلك بسبب ما فرضته جائحة كورونا من قيود على غرار غلق الحدود بين البلدين.
وتعتبر السوق السياحية الليبية من أهم الأسواق السياحية بالنسبة لتونس حيث بلغ عدد السياح الليبيين الوافدين على تونس حوالي 2 مليون سائح سنة 2019، لكن هذا الرقم تراجع وتأثر هو الأخر بما فرضته الجائحة من تخوفات وقيود.
تراجع العائدات السياحية خلال الموسم الفارط
يعتبر الموسم السياحي الماضي (موسم 2020) من أسوأ المواسم السياحية التي مرت بها تونس حيث شهدت عائدت القطاع السياحي تراجعا بحوالي 70% عن المعدل العادي، فيما لم تفتح حوالي 60% من النزل أبوابها بسبب غياب السياح وعدم تلقيها حجوزات، والذي يعود إلى الإجراءات التي رافقت الارتفاع الكبير الذي سجلته تونس في انتشار الفيروس على مستوى وطني في تلك الفترة على غرار غلق الحدود الذي ساهم في تضرر القطاع السياحي بصفة مباشرة.
كما لم تتجاوز إيرادات الموسم السياحي لسنة 2020 ال 746 مليون دولار، مسجلة في ذلك تراجعا بنسبة 65% عن موسم 2019 وهو ما مثل ضربة قاسية وقاسمة لهذا القطاع وللاقتصاد الوطني عامة.
ورغم حالة الكساد الذي يشهد العالم في القطاع السياحي وفي مختلف القطاعات، تعمل وزارة السياحة على كسب ثقة "السياح الأجوار" من خلال تقديمها عديد التطمينات لهم عبر إعداد بروتوكولات صحية وفرضها على المنتجعات السياحية لضمان سلامة الوافدين عليها وتأكيدها على القيام بعديد حملات المراقبة والتفقد للحرص على مدى الالتزام المؤسسات الصحية بها. لكن تبقى كل هذه المجهودات والاستعدادات رهن ما قد تتخذه الحكومة من إجراءات للحد من الانتشار السريع للفيروس الذي تعيشه تونس هذه الفترة والذي قد يدفع بالحكومة مرة أخرى إلى اتخاذ عديد القرارات الموجعة التي قد تلقى بضلالها على كل هذه التحضيرات، ولعل من أكثر القرارات صعوبة وتأثيرا على القطاع السياحي عامة وكل التحضيرات التي تسبقه هو قرار غلق الحدود الذي قد تتخذه الحكومة في أي لحظة للحد من انتشار الفيروس وكسر حلقات العدوى.
تاريخ الإضافة : 29/04/2021
مضاف من طرف : infos-tunisie
المصدر : www.assabahnews.tn