تونس - A la une

نهج البيان في تفسير القرآن (14)


يواصل الشيخ محمد المختار السلامي حديثه عن المنافقين في شرح سورة البقرة :ومحضوا له مكرهم وتحركوا في إطاره، من الدس وترويج الأخبار الزائفة، والتشكيك، وبذر الفتنة بين الجماعة، والاستهزاء بالمؤمنين الى آخر المناكر التي يدبرون لها، ويبثونها سموما في المجتمع. وقد يكون هؤلاء الناصحون بعض المؤمنين الذين تربطهم بهم قرابة أو جوار من المطلعين على خفايا أمرهم، والذين ربوا التربية الصالحة الإيمانية من النهي عن المنكر. كان جوابهم لهؤلاء الأخيار إمعانا في التضليل: إنما نحن مصلحون. وتغمرهم ضلالاتهم وفقدوا الميزان، فيرتفع صوت الحق من القرآن : ألا إنهم هم المفسدون، وقد أطبق الضلال على عقولهم ومداركهم فأفقدهم الشعور بما هم عليه من فساد. وهو الوصف السادس من صفاتهم الشنيعة.
﴿وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن... ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون﴾
الصفة السابعة والثامنة الكبر وخفة العقل. يحرص على هدايتهم، من يعرف دخائلهم، فينصحهم بأن ينسجموا مع الجماعة وأن يؤمنوا برسالة النبي ص التي وحدت الكلمة وأزالت كوامن التنازع والبغضاء. فيبدو منهم عند ذلك ما ينطوون عليه من كبر وتعال، وهو شأن المنافقين في كل زمان ومكان، يظنون أنهم أعلى من أن ينضموا الى الجماعة الضعيفة العقل المحدودة المدارك في زعمهم. وينزل الجواب من رب العزة مؤكدا منبها أنهم قد أختصوا بضعف العقل وأفن الرأي، وأن عقولهم محجوبة بكبرهم وعنادهم. ولذلك فهم لا يعلمون، فجهلهم من الجهل المركب الذي يجهل صاحبه الحق ويجهل أنٌه جاهل.
﴿وإذا لقوا الذين آمنوا... وماكانوا مهتدين﴾
هذه صورة ثالثة للمنافقين مركبة من ثلاثة أحوال : حالتهم مع مجتمع المؤمنين الذين يعيشون معهم : وحالتهم إذا كانوا في مجامعهم الخاصة مع أمثالهم وقادة إضلالهم : وحالتهم وهم مفضوحون محكوم عليهم من رب العزة.
فالحالة الاولى يبدون فيها وقد صرفوا الأمور تصريفا محكما، وفي ظنهم يحقٌق لهم تنفيذ مخططاتهم. إذا إلتقوا بالمؤمنين في المجامع العامة أو الخاصة أوهموهم أنهم متفقون معهم، أنهم مؤمنون صادقون، حتى لا يحذرهم المؤمنون، ولا يأخذوا الحيطة منهم فيتمكنون بذلك من الإطلاع على نقط الضعف ومداخل المكر بهم.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
يرجى إدخال الرمز أدناه
*



تحديث الرمز

(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)