مع الشروق..«بيضة الديك..»!

غريب أمر هذه البلاد .. ديكة تتناقر..تنتف ريش شعب متعب منهك لم يجد بيضا في هذه الفترة ليعد " كفتاجي " للبسطاء ، أو"عجة " للفقراء تنسيهم طعم ورائحة لحم نرجسي أناني متكبر لا يزور بعضنا إلا في الأعياد والمناسبات ..هو هكذا ، مفاخر بنفسه مزهوا ..يسير الخيلاء منفوش الريش ، قائلا أنا "اللحم" الذي يجر وراءه البيض حتى يغيب مثلي عن موائد التونسيين ، فالتونسيون لا يستحقون البيض ولا يحتاجونه ..هم فقط ينتظرون "بيضة ديك" لا تأتي أبدا ، وإن أتت ففي روايات القدماء الذين اعتقد بعضهم أن الديك يبيض مرة واحدة ولبيضته فوائد صحية سحرية لا يعرفها حتى العلماء..
أنتظر أسلافنا كثيرا " بيضة ديكهم " الغائبة على الدوام ، ورفعوا أيديهم متضرعين إلى الرحمان أن يغيب عنا البيض لأننا سخرنا من اعتقاداتهم في "بيضة ديكهم" التي انتظروها حتى قضوا بلا بيض "ذكر الدجاج" ..
نحن اليوم بلا بيض ، و"ببارونات" تتحكم في الساعة التي يبيض فيه الدجاج.. ديكة تنفش ريشها في السوق وتتحكم في مفاصله وسلعه وأسعاره ، وتأمر الدجاج متى يبيض ، وتضطره إلى " تحديد النسل " وتنظيمه متى تشاء ..
"بارونات البيض" وجدوا قنا واسعا شاسعا بلا رقيب ، يتحكمون في مسالك الإنتاج والتوزيع والتخزين والتسويق ، وإن غضبوا ينقطع البيض ويغيب ، وترتفع أسعاره ويغيب الرقيب لتحضر ديكة تتحكم في شمسنا وتظن انها لم تشرق إلا لتسمع أصواتها ..
إنتاج البيض عندنا يبلغ يوميا حوالي 5 ملايين بيضة، أي 150 مليون بيضة في الشهر، ومع ذلك غاب البيض عن الأسواق وارتفعت أسعاره في اليومين الأخيرين لأن " الدوارجي " أو موزع البيض غاضب ، فهامش الربح ب5 مليمات لا تكفيه ، يريد 10 مليمات ، ووزارة التجارة قالت لا ..
الوزارة قالت لا "للدوار" ونعم للمحتكر "المغوار" الذي يبيع بيض الدجاج بسعر بيض الديك ، ويقول سعروا كما شئتم ، ونبيع كما نشاء ففي الوطن ديكة يتناقرون يصيحون ينفشون ريشهم لكنهم لا يبيضون ..
خصامهم لا حدود له ، داخل القن وخارج القن يتناقرون متناسين شعبا بلا بيض ولا لحم ولا خضر ولا غلال.. شعب يتابع "كفتاجي" أخبار مدمرة قاتلة ..منظومة "إيفاكس" لاستخراج جواز التلقيح معطلة ..سفن في عمق البحر تنتظر تأشيرة الدخول لإفراغ سلعها بالميناء .. رئيس سابق يتهدده السجن ، ورئيس حالي يتحدث عن مدبري الاغتيالات .. إيقافات هنا وهناك لمسؤولين تلاعبوا بقوت الشعب .. "كفتاجي" أخبار لا يسد رمق جوع باحث عن صحن "كفتاجي" فلا يجده لأن البيض مفقود ..
راشد شعور