سنة 1896 نشر الصحفي المجري 'ثيودور هرتزل' كتابا بعنوان " الدولة اليهودية ", والذي كان البذرة الـأولى للنوايا بتأسيس وطن يجمع شتات اليهود في كل مكان. اقترح 'هرتزل' في كتابه أن يكون هذا الوطن إما في الأرجنتين أو فلسطين, ثم تم الاتفاق على أن تكون فلسطين هي أرض الميعاد.
وعليه, بدأت الجماعات اليهودية تشد الرحال نحو فلسطين في شكل رحلات هجرة من كل حدب وصوب من أوروبا وأمريكا.
العام 1914 هاهي أجراس الحرب العالمية الأولى تُقرع. كانت فلسطين آن ذاك تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية التي كانت في الفريق الذي يحارب ضد بريطانيا. حيث اتفقت بريطانيا و فرنسا أنه في حال كان الانتصار حليفهم في الحرب, سيقع ضم أراضي الدولة العثمانية بما فيها فلسطين إلى أراضيها.
إبان الحرب, استنزفت بريطانيا قواها المادية والعسكرية واللوجيستية أمام ألمانيا أحد ألد أعدائها وأشرسهم. وللخروج من المأزق و لتقوية صفوفها استنجدت باليهود ممثلين أساسا في عائلة روتشيلد, العائلة الأغنى والأقوى نفوذا وسُلطة, ومُمولة الدول والحروب. وفي 1917 أرسل وزير الخارجية البريطاني'آرثر جيمس بلفور' رسالة إلى اللورد 'وولتر روتشيلد' زعيم الطائفة اليهودية في إنقلترا, كان فحواها وعدا من بلفور لليهود بأن يُقيم لهم وطنا في فلسطين. أما حيثيات وظرفيات هذا الوعد فواضحة: مصالح سياسية بين الطرفين, الطرف البريطاني الذي يملك الأرض و لكن يحتاج مالا يُعوّض به ما استنزفته الحرب. والطرف اليهودي الذي يملك المال و لكنه يحتاج أرضا يُقيم عليها وطنا لم ولن يعرفه يوما.
عرف التاريخ هذه الرسالة التي كتبت مصير شعوب ب :"وعد بلفور" وعدُ من لا يملك لمن لا يستحق. ذلك أن بريطانيا قطعت هذا الوعد قبل أن ترفع الحرب أعلامها بعد, أي أنها لا تملك أصلا الأرض التي أبرمت على نخبها هذا الوعد والاتفاق.
بعد الحرب, و بعد فوز قوات الحلفاء التي كانت منها, أنشأت بريطانيا مُستَعمَرَة في فلسطين بِتِعِلة كل التعلات و بحجة كل إستعمار, ستُدير شؤون فلسطين حتى يصبح شعبها مُؤهلا للسلطة. لكن الواقع كان يقول غير ذلك إذ كانت أراضي فلسطين تُهَيّأ لتكون موطن اليهود الذي وعد به بلفور وإيفاء للاتفاق بينها وبين روتشيلد, سهّلت بريطانيا عمليات الهجرة نحو فلسطين و بدأت بشراء الأراضي من الفلسطينيين و غير الفلسطينيين والعرب.
سنة 1939 زاد عدد اليهود 320 ألف, وأصبحوا حوالي ثلث سكان فلسطين. شعر الفلسطينيون- السكان الأصليون لأرض فلسطين- بغرابة الأوضاع الحادثة. فثاروا على السلطة في إطار تجمعات ثورية حاشدة. لكن ذلك لم يكن الوقت مناسبا لبريطانيا إذ كانت تستعد للحرب العالمية الثانية وكرد فعل منها, قامت بتسليح اليهود الذين شكلوا ميليشيات مسلحة عرفت بالهاجاناه, مما تسبب في مذابح راح ضحيتها الآلاف من الفلسطينيين العزل. وهو ما عرّض بريطانيا للمساءلة داخل المجتمع الدولي, فأصدرت وثيقة سُميت بالكتاب الأبيض تنص على الحد من هجرة اليهود إلى فلسطين وضمان إقامة دولة عربية مشتركة تضم الفلسطينيين واليهود, ينفرد كلا الفريقين فيها بسلطة مستقلة. لكن هذا القرار لم ينل رضا كل منهما, فلا هو كاف لليهود الذي يطمحون للانتشار وإقامة دولة يهودية مستقلة لهم, ولا هو مُنصف للفلسطينيين لأنهم غير مجبرين لمشاركة وطنهم مع أي كان, فهم أصحاب الأرض ومُلاكها.
في 1947 وفي أول اختبار لها بعد أن أُوكل لها الحسم في قضية فلسطين, أجرت منظمة الأمم المتحدة تصويتا يقضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين, دولة للفلسطينيين وأخرى لليهود, وتأكد قرار التقسيم بتصويت الأغلبية. وتم رسميا الإعلان عن إقامة وطن قومي لليهود إسمه إسرائيل. قامت على إثره حروب وصراعات عديدة بين الدول العربية و بين إسرائيل وحلفائها. كانت تنتهي في كل مرة بامتداد الأراضي التي تحت مُلك إسرائيل. ورغم قرارات منظمة الأمم المتحدة الواهية, ضدها إلا أن إسرائيل لم تكن تلتزم بأي منها حيث كانت تستمر في العدوان وإقامة المستوطنات على الأراضي التي لم ينص عليها إعلان المنظمة.
وصولا إلى العام 1987 أو ما عُرف بالانتفاضة الفلسطينية الأولى حيث دهس عسكري إسرائيلي مواطنين فلسطينيين عزل, مما أجج الصراع أكثر وتمثل رد الفعل في مقاطعة المنتجات والخدمات الإسرائيلية والامتناع عن دفع الضرائب. واجه الكيان هذه التحركات بالعدوان المسلح مما تسبب في اندلاع الانتفاضة الفلسطينية التي كان لها الفضل في إعادة إحياء القضية. وتم توقيع إتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.
سبتمبر 2000 كانت الانتفاضة الثانية والتي كان قادحها دخول رئيس الوزراء أريل شارون صحبة جنود إسرائيليين المسجد الأقصى في انتهاك واضح لحرمته. ورغم أن الأقصى هو ثالث مكان مقدس عند المسلمين إلا أن رمزيته ذات ثقل أكبر عند اليهود فهو يرمز لهيكل سليمان وهو المكان المقدس الأول بالنسبة لهم رغم ذلك لم يصدر عنهم أي رد فعل في حين اندلعت المظاهرات في الجانب الفلسطيني احتجاجا على ما حدث راح ضحيتها قرابة 4 آلاف فلسطيني لعل أشهرهم الطفل الشهيد "محمد الدرة" والذي أصبح رمزا للانتفاضة.
تتالت الأحداث على هذه الـأرض, أرض فلسطين نعلمها كلنا, تلتها قرارات موصومة بالعار, وهاهي رائحة الدم تملأ الـأرجاء.
وهاهو العام 2021 يحل علينا, لا جديد فيه يُذكر, سوى بضع خيانات وتطبيع وظلم. ومازال الكيان الصهيوني يمارس ما برع فيه دوما, الجريمة والقتل والنهب. يسلبون الناس بيوتهم وآمالهم وأحلامهم وأطفالهم وآباءهم وأجدادهم. فأما التاريخ فلن يُسرق فهم يعلمون ونحن نعلم أرض من هي ومُلك من.
#أنقذوا_حي_الشيخ_جراح
Posté Le : 24/05/2021
Posté par : nootapedia
Ecrit par : خلود المقدم
Source : https://www.nootapedia.com/post/68/%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86-%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%B7%D9%86