واهم من يعتقد أن قصر قرطاج هادئ ، والرئيس يفكر بأريحية وفي أجواء شاعرية قوامها دخان السجائر ورائحة القهوة ومطالعة الجرائد وصفحات الوزارات والإدارات والتقارير السرية وغير السرية التي تصله يوميا من الجهات المعنية ..واهم من يعتقد ذلك ، فالقصر ساخن بضغوطات من هنا وهناك ، من الداخل ومن الخارج ، بل ومن " البطانة " والمستشارين المتفقين فيما بينهم وغير المتفقين ..الفترة طالت ، ومع كل يوم جديد مقترح جديد وضغط جديد تضيع معه سلسلة الأفكار ، وتذوب معه القرارات في التفاصيل..
55 يوما مرت على 25 جويلية ، مجلس شعب مجمد ، وزارات بالنيابة ..وبرامج معطلة تنتظر القرار، ورئيس ممزق بين جملة من الملفات ، يمسك الأول ، فيفتكه الثاني ويشده ثالث ..ورابع ينتظر إمضاء الرئيس ..
رئيسنا الذي استفاد من الفصل 80 للدستور ، ممزق بين كل هذا ، وعينه على "الخطر الداهم والجاثم" كما قال ..يفكر وحده بمعزل عن الجميع ، وباستشارة " بطانة " مضيقة ، قد تقوده وتقود الشعب إلى بر الأمان ، وقد تزيد في تعكير ما نحن فيه إن كان وضعنا ما يتحمل المزيد ..
نحن الآن في وضع انتظار ما تجود به الصفحة الرسمية للرئاسة من قرارات ودروس ومواعظ وهمسات ، مقابل مكاتب وزراء مغلقة ، وقبة مجلس شعب "ليست في وضع استخدام " ، وإدارات شبه معطلة ..
الدولة مستنفرة في محاربة فيروس كوفيد ووباء الفساد ، هذا صحيح ، لكن الفيروسات التي تنال من تونس كثيرة ..فقر، بطالة ، شباب يلقي بنفسه في البحر ، برامج معطلة ، تجارة مشلولة واقتصاد في وضع سريري ينتظر جرعة اوكسيجين ..
ساستنا ، وحكوماتنا المتعاقبة ، وأحزابنا الحاكمة وغير الحاكمة ، أوصلونا جميعا إلى هذه الوضعية ، والرئيس ، تدخل يوم 25 جويلية ليغير الوضع فيجتث الفساد ، ويوفر الخبز للجائع ، والعمل "للبطال" ..أو هكذا قال .
وبعد 55 يوما حالة غليان داخل الأحزاب التي "هزمها" الرئيس ، بعضها يصعد ويستنكر ، وثان "يتودد ويتقرب " ، وثالث يحتج ، ورابع يداري ويقدم التنازلات ، والمدارة عندهم نصف العقل كما قال الحسن البصري ، بل في تقديرهم هي كل العقل في هذا الظرف الاستثنائي الدقيق الذي تمر به البلاد ..
في تونس الآن حالة ترقب من جزء من الشعب الذي خرج ليلة 25 جويلية مبتهجا ب " الخلاص " ..هم يترقبون ، وفي المقابل "عالم خارجي" يرقب يلاحظ ويتابع ، حاول التدخل، فاصطدم بالموقف الصائب : للدولة سيادة ، فكانت البيانات والبلاغات العائمة المبهمة التي تقرأ على كل الوجوه : مع الرئيس وضده ، ومع " ضرورة الحفاظ على الديمقراطية واحترام الإجراءات الدستورية وسيادة القانون " .
الجميع في انتظار الرئيس ، وقرارات الرئيس ، ومواقف الرئيس ورؤية الرئيس .. واتحاد الشغل الرافض لتحركات أول أمس السبت يدعو الرئيس إلى "التسريع في تشكيل الحكومة وتوضيح الرؤية لما بعد تشكيلها " ...فهل يسرع الرئيس دون تسرع ؟.
راشد شعور
تاريخ الإضافة : 20/09/2021
مضاف من طرف : infos-tunisie
المصدر : www.alchourouk.com